البيتكوين وترمب- صعود جنوني أم فقاعة مالية قادمة؟

المؤلف: حسين شبكشي11.06.2025
البيتكوين وترمب- صعود جنوني أم فقاعة مالية قادمة؟

عقب الإعلان عن فوز الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، في الانتخابات الرئاسية الماراثونية بالولايات المتحدة، شهدت قيمة العملة الرقمية الأشهر على الإطلاق، البيتكوين، ارتفاعًا صاروخيًا ومذهلًا، محققة مستويات قياسية وغير مسبوقة، حيث تجاوزت حاجز الـ 93 ألف دولار أمريكي. وعزا المحللون الماليون هذا الصعود المدوي إلى انفتاح الرئيس ترامب على عالم العملات الرقمية، ولا سيما البيتكوين، وتشجيعه الدائم والمستمر لها، الأمر الذي يمنح المستثمرين في هذا المجال فرصًا هائلة لتحقيق النمو المنشود وتحقيق أرباح مجزية. ومن المؤسف أن يتعامل البعض مع عملة البيتكوين على أنها مجرد عملة رقمية عابرة، بل الأجدر والأمثل أن يتم التعامل معها باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من المقتنيات الثمينة والنادرة، على غرار اللوحات الفنية الرائعة ذات القيمة العالية، أو السيارات الكلاسيكية النادرة، أو الساعات الفاخرة ذات الإصدار المحدود.

فهي في واقع الأمر كذلك، عملة فريدة ومحدودة الإنتاج، حيث تم بالفعل إنتاج كافة الإصدارات المتاحة، ولن يتم إصدار أي وحدات جديدة منها على الإطلاق. لقد تجاوزت البيتكوين مرحلة "الموضة" العابرة أو "الصرعة" المؤقتة، فقد مضى على إنتاجها أكثر من عقد كامل من الزمان، وهي المدة الكافية لترسيخ مكانتها وأهميتها في عالم المال والأعمال. وبالتالي، فهي بالإضافة إلى كونها عملة رقمية مبتكرة، فإنه من الأهمية بمكان اعتبارها ضمن المقتنيات النفيسة التي لا تقدر بثمن.

يعود الفضل في ظهور عملة البيتكوين إلى شخصية غامضة تحمل اسم ساتوشي ناكاموتو، وذلك في عام 2013. وبعد إجراء تحقيقات مضنية من قبل متخصصين ومهتمين، لم يتم العثور على أي أثر يذكر لهذه الشخصية على الإطلاق، ويرجح الكثيرون أن هذه الشخصية وهمية ولا وجود لها في الواقع.

ومن المعلوم بالضرورة أن البيتكوين ليست العملة الرقمية الوحيدة في هذا المضمار، بل هناك العشرات من العملات المشابهة لها، إلا أن الفارق الجوهري والأساسي يكمن في أن البيتكوين هي العملة الوحيدة التي تتميز بمحدودية إنتاجها لإصداراتها، فضلاً عن الغموض الذي يكتنف هوية مؤسسها الحقيقي. وهذا الغموض المثير للريبة هو أيضًا من بين الدوافع الرئيسية للاهتمام بها، لوجود اعتقاد راسخ بأن وراء البيتكوين قوى عظمى "لن تسمح بسقوط هذه العملة الرقمية"، ولذلك تشير بعض الدراسات المتفائلة إلى أن قيمة البيتكوين قد تصل في المستقبل إلى 500 ألف دولار أمريكي.

سيكون الإقبال المتزايد على البيتكوين أشبه بشبق نهم لدى أعداد هائلة من المستثمرين، وكأنهم قطيع هائج يسعى إلى تحقيق مكاسب سريعة، مما سيدفعها إلى مستويات أعلى وأكثر جنونًا، وسيفتح ذلك شهية المستثمرين الجشعين بشكل هستيري، وقد تكون عواقب ذلك وخيمة للغاية، لدرجة قد تجعل الأزمة المالية الكبيرة التي حدثت في عام 2008 تبدو وكأنها مجرد نزهة ممتعة في الحديقة.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة